المؤلف : الدكتور محمد شوقي الفنجري.
دار النشر : دار الشروق الطبعة الأولى 1994 م.
عدد الصفحات : 85 صفحة.
تحذير : ملخص طويل وممل لاينصح به لمن هم دون الثامنة عشرة سنة
قراءة مثمرة.
_____________________________________________________________________
الاقتصاد هو المجال الحيوي الذي تظهر فيه انطباعات المجتمع الروحية والمالية وفيه تتضح خصائص الأمة وتنكشف مواطن الخير أو الشر فيها ,لذلك يجب عليك فهم هذا العلم الفذ سواء كنت مختصاً او غير مختص.
في ظل الأنظمة الاقتصادية المختلفة كالنظام الرأسمالي والنظام الاشتراكي يتواجد نظام اقتصادي قائم دون سواه أو لنقل قابع في الوسط والمتمثل في النظام الإقتصادي الإسلامي ,الذي يدعو إلى تحرير المجتمع الإسلامي من أي تبعية غربية أو شرقية وهنا يقصد بالتبعية الاقتصادية. وعليه فيما تتمثل ماهية الاقتصاد الإسلامي ؟ ,هذا ما ستعرفه في هذا الملخص.
أولاً : نشأة ومفهوم الاقتصاد الإسلامي
جاء الإسلام منذ أربعة عشر قرناً كرسالة سماوية خاتمة تعالج مختلف مناحي الحياة من روحية سياسية اجتماعية واقتصادية للبشرية أجمع ,وبهذا يمكننا التوصل إلى أن نشأة الاقتصاد الإسلامي قديمة قدم الإسلام وليست بحديثة على الرغم من أن تدريسه كمادة جد حديث.
"جاء الإسلام في المجال الاقتصادي بأصول اقتصادية جديدة تنطوي على سياسة اقتصادية متميزة "
وبهذا يمكننا تعريف الاقتصاد الإسلامي بشكل مبسط ونقول هو الذي يوجه النشاط الاقتصادي وينظمه وفقاً لأصول الإسلام ومبادئه الاقتصادية ,وينقسم إلى شقين :
• أولهما ,شق ثابت . . وهو الخاص بالمبادئ المتمثلة في مجموعة الأصول الاقتصادية الواردة في كل من القرأن والسنة ليلتزم بها المسلمون في كل زمان ومكان.
نذكر بعضها :
-
أصل أن المال مال الله والبشر مستخلفون فيه . . قوله تعالى <وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه> سورة الحديد الآية 7 ,وقوله تعالى<وآتوهم من مال الله الذي آتاكم> سوة النور الأية 33.
-
أصل ضمان حد الكفاية لكل فرد في المجتمع الإسلامي . . قوله تعالى <أرأيت الذي يكذب بالدين فذلك الذي يدعُّ اليتيم ولا يحض على طعام المسكين>سورة الماعون الآيات من 1إلى 3,وقوله تعالى <في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم> سورة المعارج الآية 24 و 25 ,وقوله صلى الله عليه وسلم :<من ترك كلا فليأتني فأنا مولاه>.
-
أصل احترام الملكية الخاصة . . قوله تعالى <للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن> سورة النساء الآية 32 ,وقوله صلى الله عليه <كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه>أخرجه مسلم.
-
أصل الحرية الاقتصادية المقيدة. . وذلك بتحريم أوجه الأنشطة الاقتصادية التي تتضمن استغلالاً أو احتكاراً أو رباً ,قوله تعالى : <لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل > سورة البقرة الآية 188 ,وقوله تعالى : <وأحل الله البيع وحرم الربا> البقرة الآية 275.قوله صلى الله عليه وسلم : <من احتكر حكرة يريد أن يغلي بها على المسلمين فهو خاطئ>أخرجه مسلم وأبو داود والترميذي.
ملاحظة : هذه الأصول الاقتصادية هي أصول إلهية<تنزيل من حكيم حميد> ومن ثم فإنه لايجوز الخلاف حولها ولاتقبل التغيير أو التبديل.
ملاحظة 2 : هذا الشق يدعى بالمذهب الاقتصادي الإسلامي.
• ثانيهما ,شق متغير . . وهو الخاص بالتطبيق والمتمثل في مجموعة الأساليب والخطط والحلول الاقتصادية العملية التي يكشف عنها أئمة الإسلام والمجتهدين لإحالة مبادئ وأصول الإسلام الاقتصادية إلى واقع معاش.
ومن قبيل ذلك : بيان المعاملات الربوية / صور الفائدة المحرمة ,بيان مقدار حد الكفاية أو الحد الأدنى للأجور ,بيان مدى تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي ونطاق الملكية الخاصة والملكية العامة ,خطط التنمية الاقتصادية . . . إلخ.
ملاحظة : هذا الشق يدعى بمسميين اثنين . . على المستوى الفكري <النظرية أو النظريات الاقتصادية> ,على المستوى التطبيقي أو العملي <النظام أو النظم الاقتصاديةالإسلامية>
ملاحظة 2 : " الاقتصاد الإسلامي مذهب ونظام . . مذهب من حيث الأصول والمبادئ /الشق الثابت/ , ونظام من حيث التطبيق /الشق المتغير/"
ثانياً : تطور دراسة الاقتصاد الإسلامي <مراجعه القديمة والحديثة>
مرت دراسة الاقتصاد الإسلامي بثلاث مراحل : المرحلة الأولى : ازدهار دراسة الاقتصاد الإسلامي في العصور الإسلامية الأولى. المرحلة الثانية : نكسة دراسة الاقتصاد الإسلامي بقفل باب الاجتهاد.
المرحلة الثالثة : صحوة دراسة الاقتصاد الإسلامي في العصر الحديث.
• المرحلة الأولى/ازدهار دراسة الاقتصادالإسلامي في العصور الإسلامية الأولى وأهم مراجعه القديمة :
تمحور النشاط الاقتصادي في العصر الإسلامي الأول في الرعي والتجارة ,إلى أن بدأ النشاط الاقتصادي في التوسع وعليه بدأت كتب الفقه الإسلامي بدورها بالانتشار في القرن الثاني للهجرة المليئة بمختلفِ الأحكام والأفكارِ الاقتصادية لاسيما ماتعلق منها بتحريم الربا أو الإحتكار ,ولكنها ظلت متناثرة ومتفرقة بين كتب الفقه.
مثلاً كتاب المحلي لابن حزم الذي عالج فيه أصل ضمان حد الكفاية الذي تجاوز في تحليله لهذا الأصل الاقتصادي الإسلامي كل فكر اقتصادي متقدم ,وقد تناولت بعض الكتب والمراجع الفقهية المختلفة أصل الحرية الاقتصادية وحدوده ومدى تدخل الدولة في النشاط الاقتصادي وتحديد نطاق الملكية الخاصة والعامة.
لكن في ظل هذا التناثر وجدت بعض المؤلفات الاقتصادية المستقلة بل وتعتبر أولى الدراسات الاقتصادية العلمية في العالم ,نذكر منها :
-
كتاب الخراج لأبي يوسف . . قاضي قضاة الخليفة هارون الرشيد هذا الأخير طلب منه أن يضع كتاباً جامعاَ يعمل به في جباية الخراج والعشور والزكاة وغير ذلك. - كتاب الخراج ليحي ابن آدم القرشي.
-
كتاب الأموال لأبي عبيد بن سلام . . أوسع كتاب وأشمله بما يتعلق بالأموال في الدولة الإسلامية.
-
كتاب الكسب في الرزق للإمام محمد الشيباني.
• المرحلة الثانية / نكسة دراسة الاقتصاد الإسلامي بقفل باب الاجتهاد :
منذ منتصف القرن الرابع الهجري انقسمت الدولة الإسلامية إلى عدة دول يتناحر زعماؤها وولاتها وأفرادها فيما بينهم على السلطة ,فشغلوا معهم المثقفين والعوام بالفتنة والنفاق والصراع العقيم وبهذا انتشر الانحلال والفوضى.
وفي ظل هذه الفوضى باشر لإفتاء المسلمين فئتا المغرضين والجهال عابثين بنصوص الشريعة وبحقوق الناس ,كما ظهر الفساد في العلماء نفسهم فكان إذا طرق أحدهم باب الإجتهاد فتح على نفسه أبواب التشهير وحط أقرانه من قدره,وبهذا إقتصر العلماء على التقليد منددين باتباع اجتهادات العلماء السابقين ويلزمون الناس بها دون مراعاة أن هذه الاجتهادات وضعت لزمان غير زمانهم ولأوضاع غير أوضاعهم فقفل باب الاجتهاد وتوقفت الدراسات الاقتصادية الإسلامية ,حتى نسى الناس بما فيهم المثقفون أن هناك مايسمى بالاقتصاد الإسلامي.
• المرحلة الثالثة / صحوة دراسة الاقتصاد الإسلامي في العصر الحديث وأهم مراجعه الحديثة :
"على أنه مهما استمر الظلام يخيم على العالم الإسلامي وطال رقاده ,فإنه لابد للفجر أن يبزغ ولابد للنائم أن يستيقظ"
بدأت الآن الأصوات تعلو بين الدول والشعوب الإسلامية بضرورة العودة إلى تعاليم الإسلام وتطبيق الشريعة الإسلامية في كافة المجالات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ,حيث يمكن لهذه التعاليم الإلهية إذا مافهمت على حقيقتها أن تسود العالم أجمع بوصفها سبيل الأمن والسعادة للبشرية جمعاء ,وفي المجال الاقتصادي الدراسات العلمية الحديثة المنوطة بشرحه قليلة ,لكن في ظل هذه القلة هنالك محاولات جديرة بالاعتبار وقد اتخذت هذه المحاولات أحد
الاتجاهات الثلاثة :
أ ـ الاتجاه الأول : الدراسات الاقتصادية الجزئية . . محاولة تبتغي دراسة جانب من جوانب الاقتصاد الإسلامي في الموضوعات المتعلقة بالربا والاحتكار والتسعير والمصارف وشركات التأمين والملكية الفردية والملكية العامة والحسبة . . . إلخ.
نذكر منها : البحوث الاقتصادية الإسلامية المقدمة لأسبوع الفقه الإسلامي الدولي وكذلك البحوث الاقتصادية الإسلامية التي قدمت لمؤتمرات علماء المسلمين ,والمؤتمر العالمي الأول للاقتصاد الإسلامي الذي دعت إليه جامعة الملك عبد العزيز بجدة وانعقد بمكة المكرمة في فيفري 1976مـ والثاني في باكستان في مارس 1983مـ وغيرها .
إضافةً لكل هذا المؤلفات الفردية /الكتب/ فضلا عن رسائل الماجستير والدكتوراه في مختلف مواضيع الاقتصاد الإسلامي.
ب ـ الاتجاه الثاني : الدراسات الاقتصادية الكلية . . كمحاولة لدراسة الاقتصاد الإسلامي ككل ,والكشف عن أصوله وسياسته الاقتصادية.
ذكر منها : محاولة الدكتور محمد عبد الله العربي في كتابه /الاقتصاد الإسلامي والاقتصاد المعاصر / كتاب /اقتصادنا/ لـمحمد باقر الصدر ,والمستشرق الفرنسي جاك أوستري في كتابه باللغة الفرنسية عن الإسلام والتقدم الاقتصاديL’ Islam face Au Developpementéconomique
والدكتور محمد شوقي الفجري في كتابة /ذاتية السياسة الاقتصادية الإسلامية وكتابه /الإسلام والمشكلة / وكتابه /المذهب الإقتصادي في الإسلام ,وكتاب محمد المبارك في كتابه /نظام الإسلام الاقتصادي/ الاقتصادية وغيرهم.
ج ـ الاتجاه الثالث : الدراسات الاقتصادية التاريخية . . وتعني هذه الدراسة بتحليل النظام الاقتصادي في فترة زمنية معينة أو تحليل الفكر الاقتصادي لأحد أئمة الإسلام ونظرياته الاقتصادية.
وهذه المحاولات مازالت أيضاً محدودة وأغلبها عن النظام الاقتصادي في عهد الخليفة عمر بن الخطاب ,وعن الفكر الاقتصادي لدى الإمام ابن حزم أو لدى شيخ الإسلام ابن تيمية أو لدى المفكر الإسلامي ابن خلدون.
ومن قبيل ذلك : محاولة الدكتور أحمد الشافعي في رسالته للدكتوراه عن النظام الاقتصادي في عهد عمر بنالخطاب ,والدكتور محمد المبارك في كتابه /آراء ابن تيمية في الدولة ومدى تدخلها في المجال الاقتصادي/ وغيرهم.
ثالثاً : التمييز بين علم الاقتصاد وبين الاقتصاد الإسلامي والاقتصاديات الأخرى
"علم الاقتصاد " : هو الذي يدرس الظواهر الإقتصادية ويحللها بقصد استخلاص القوانين الاقتصادية التي تحكمها كقانون تناقص المنفعة ,وقانون تزايد الغلة ,وقانون العرض والطلب . . . إلخ ,فهو ذو طابع نظري يدرس ماهو كائن فعلاً ,ولا علاقة له بالأخلاق أو السياسة أو اتجاهات الدولة الاقتصادية أو مفهوم المجتمع لفكرة العدالة"
من هذا المنطلق يمكننا الاستنتاج بأن علم الاقتصاد محايد وليس بشيء مميز متعلق بدين أو بمذهب دون سواه وعليه ليس بالإمكان وصفه بأنه رأسمالي أو اشتراكي أو إسلامي حيث أن قوانينه الاقتصادية هي حقائق علمية لادين ولا جنسية لها.
ستتساءل وتقول إذاً ما معنى مسميات مثل الرأسمالية والاشتراكية والإسلامية إذا كانت غير متمثلة في علم الاقتصاد.
وأجيبك بأن هذه المسميات اختلفت في طريقة تطبيق أو إعمال القوانين الاقتصادية /الرأسمالي يندد بالاقتصاد الحر والاشتراكي يندد بعدم وجود هذا الأخير والإسلامي يندد بالاقتصاد المقيد حرية لكن بحدود.
الاختلاف الجوهري بين علم الاقتصاد وبين الاقتصاد الإسلامي والاقتصاديات الأخرى التي سبقنا ونوهنا متمثل في طبيعة الدراسة ,فعلم الاقتصاد يدرس ماهو /كائن/ بينما الاقتصاديات الأخرى تدرس مايجب أن يكون وهذا مايثير الخلاف والجدل فكل له نظرته وتفسيراته من أجل تحقيق أهدافه الاقتصادية.
انتهى.
ملاحظة : لتحميل الملخص بصيغة pdf
أي توضيح في نطاق الملخص/الكتاب ,يرجى التعليق.
from حسوب I/O - الأكثر شيوعاً https://ift.tt/2NzWLPO
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
دائماً، رأيكم يهمنا،