ندمت هذا اليوم أني قابلته، وأنصت له..ربما كان هذا عقابا لي لشئ فعلته
لست فضولي لكنه من بدأ بالحديث أولا، لم تكن بينناعلاقة سابقة.. كل ما أعرفه عنه أنه يصغرني بعام أو عامين.. ربما ثلاث، فقد كنت في عامي الجامعي الأخير وأنا على يقين أنه ليس في فرقتنا. بالإضافة لكونه يصغرني في السن كانت لديه خصلة بيضاء في شعره، لم أسأله عنها ولن أسأله بعدما سمعته منه.. لا أريد أن أراه أساسا.. هذا كل شئ أستطيع تمييزه به.. فلا أعرف إسمه حتى.
جاء ليجلس بجواري أعلى سور في المعهد - لم يكن السور الخارجي.. كان سور ومن أسفله سلالم يجلس عليه الطلبة متباعدين على إنفراد - ترك كل الأماكن المخصصة للجلوس وترك السور بأكمله ليجلس بجواري، كاد يلتصق بي من شدة إقترابه، ظننت أحد الأصدقاء القاه علي ليمازحني، لكني تظاهرت بعدم الإنتباه..
بدأ ببعض الهمهمات.. ثم البكاء شئ فشئ، أخرجت علبة مناديل وأعطيتها له.. لا أعلم متى بدأ الحديث ولماذا؟ .. ربما كانت المناديل هى الحافز لحديثه!!
أخبرني أنه مغترب وكان يسكن وحيدا قبل أن يحدث ذلك، وكان من عادته أن يستمع لبعض قصص الرعب خاصة لشخص إسمه أحمد ي.. لا أتذكر الإسم الثاني جيدا لكنني أتذكر باقي القصة:
كانت ليلة شتاء والبرد قارص، صوت الرعد يتداخل مع أزيز الزجاج، مما يخلق جو مناسب لهذه القصص التي يسمعها عند إنطفاء الأنوار، لم ينهي القصة التي كان يستمع لها، لكنه يبدو أنه قرر إكمالها على الطبيعة وبنفسه!!
دخل ليأخذ دش ماء ساخن ليتعافى من هذا البرد الذي تسبب به هذا الطقس وهذه القصة التي لم يكملها، بدأ في ضبط درجة الماء ليخلط بين البارد والساخن.. ونسى نفسه أسفل الماء الساخن الذي بدأت تزداد حرارته ويزداد بخاره في أرجاء المكان شئ فشئ، فتح عينه على صوت طرق خفيف على الباب، لكنه تذكر أنه يعيش وحيدا!!
إنتبه فجأة أنه لا يرى شئ أيضا من هذا الدخان الكثيف.. لكن!!
فوجئ بشئ يتحرك ويتشكل من هذا الدخان، تملكه الرعب لصوت الطرق الذي ظن أنه مجرد جربوع عابر ولهذا الشئ الذي بدأت تزداد درجة إحمراره وسط الدخان
وإذا به وهو يضع يده ليغلق صنبور الماء الساخن عله يتغلب على مخاوفه.. إذ به يلامس شئ غريب جعله يتجمد مكانه...وتسود الدنيا أمامه بعد إن كانت بيضاء اثر الدخان منذ قليل.
لم يتمالك نفسه ولم يستطع كتم هذه الصرخة التي بداخله"
صمت صاحب الخصلة البيضاء منتظرا سؤالي عن هذا الشئ أو عن بقية قصته، كما أخبرتكم أنا لست فضولي ولم أنطق بكلمة واحدة منذ جلس، لم أنوي سؤاله.. لكن نظراته التي تنم عن تعطشه لسؤالي - والتي تتناسب مع تعطشكم لإجابة - جعلتني أتراجع في قراري، ربما لديه نقص أو يحتاج أحدهم يسمع له. سألته ربما يكون في سؤالي شفاء له، وكما كنت أتوقع، قاطع سؤالي وهو يتحدث سريعا سريعا وكأنه يعيش نفس الموقف مرة أخرى وعينه متسعتان.. يقول:
"بعد أن لامست يدي هذا الشئ الغريب وصرخت وتسمرت في مكاني، تبين لي أني فتحت صنبور الماء البارد..ندمت وقتها أني فعلتها، ندمت أني فكرت في الإستحمام في هذا الجو البارد.. ندمت أني لم أفكر في أن هذا الشرر الأحمر ما هو إلا ضوء السخان، وهذا الصوت ما هو إلا صوت سخان الشاي، ندمت وقتها ا... "
قاطعته وقتها وقلت له بعد أن سددت لكمة في وجهة كادت تلقيه أرضا " أنا من ندمت أني بقيت بجوارك وأنصت لك، أيها التافه"
أكمل بكاءه.. لكن هذه المرة من الضحك
(تمت)
من وحي الخيال
وأعتذر إن كانت هناك أخطاء إملائية،
أحذروا الماء الساخن وبخاره :D
from حسوب I/O - الأكثر شيوعاً http://ift.tt/2jE9aRP