توضيح : هذا الموضوع ليس سياسي و لا اقتصادي , و لكنه شرح لتجربة إدارية سوف نستفيد منها جميعاً .
سمعت رجل سبعيني تقلد مناصب إدارية في عدة شركات يقول : (أمريكا و لو أكلت نصف مالك ) >> تعليقاً على الأوضاع في دولة فنزويلا .
الذي يقصده هذا الرجل أنه عليك بمداهنة الأمريكان بدلاً من إغضابهم , فأمريكا اليوم تعتبر قوة عظمى في مجالات متعددة و قادره على القضاء عليك و تدميرك .
لننظر للأزمة في في فنزويلا التي تمتلك أكبر احتياطي نفطي في العالم , ما سبب هجرة الملايين من أهلها وتشردهم إلى الدول المجاورة و التي تعد فقيرة جداً مقارنة بالدولة البترولية فنزويلا ؟!
بداية الأزمة بدأت مع الرئيس السابق هوغو تشافيز , فخلال رئاسته للدولة ارتفع سوق النفط العالمي ليصل سعر البرميل فوق 100 دولار و هو ما جلب الدولارات للعاصمة كراكاس
هذه الأموال الضخمة قام هذا الرئيس المحبوب بضخها في ترفيه الشعب بأن خفف الضرائب و أسعار الكهرباء و الماء و المواد الأساسية للمواطنين حتى وصل الأمر أن يقوم الشعب من حبهم له بإستخراج الرئيس من القصر الجمهوري بعد أن انقلب عليه الجيش عام 2002 م و ارجعوه بالقوة لسدة الرئاسة !
لم يستغل هوغو تشافيز هذه الأموال في تنمية الاقتصاد بطريقة حكيمة بحيث أن يصبح اقتصاد البلد غير ريعي و يجلب أرباح و عوائد بعيداً عن النفط , و هذا للآسف لم يحصل فكانت الأموال الواردة من مبيعات النفط تذهب للشعب فقط !
في عام 2013 م مات تشافيز و حل في الرئاسة نائبه نيكولاس مادورو حتى يومنا هذا ,, و وعد مادورو بالسير على خطى الرفيق تشافيز .
العقلية التي أدار بها الدولة لا تختلف عن تشافيز فالموارد المالية يتم ضخها كدعم للشعب أيضاً .
كان تقرير وزارة المالية يقول :
لكي تكون الميزانية مستقرة بدون ديون يجب أن يصل سعر النفط لـ 92 دولار للبرميل , وصول النفط لسعر الـ 50 دولار يعتبر كارثي على الميزانية و الدولة !
لكن المشكلة أن أسعار النفط وصلت في عامي 2015 و 2016 إلى 22 دولار , و هذا ما سبب أزمة اقتصادية قاهرة ذاق الشعب الفنزويلي مرارتها بعد سنوات العسل و الرفاهية , و وسط هذه الظروف جاءت العقوبات الأمريكية في عام 2017 م و التي هدفها تركيع فنزويلا , أما ضررها فيصفها الرئيس نيكولاس مادورو : (أسوأ "عمل عدواني" ضدها منذ 200 عام )
نحن سوف نتكلم عن الفائدة في احترام القوى المؤثرة في أي مجالاً كان ! و ذكرنا أمريكا هنا للمثال فقط كقوة حالية, و لن نتطرق لكيفية إدارة الاقتصاد و إنما نريد معرفة كيف إدارة الكيانات أو الشركات أو حتى إدارة الدول .
كقوى مؤثرة سواءً كانت على شكل أفراد أو شركات أو دول أو حتى أفكار دينية ثقافية عرقية يجب احترامها و التعامل معها بحذر , بل يصل الأمر للخضوع و الإنصياع لهذه القوة و محاولة الانسجام معها بدلاً من مواجهتها , فالعقلاء يعرفون الضرر الذي سوف يلحق بهم جراء المواجهة و يحاولون الحفاظ على مكتسباتهم الحالية و أيضاً كسب الوقت حتى يتغير الحال !
كل هذا يجعل الكرامة مهزوزة نوعاً ما , فالخضوع و الإنصياع للأوامر يرفضه الكثير و يعتبرنه ذل و مهانة لكن العقلاء يقبلونها بكل راحبة صدر لأنهم يعرفوا النتيجة النهائية .
في حرب الخليج دفعت اليابان 10 مليار دولار لأمريكا و دفعت ألمانيا 6.4 مليا دولار أيضاً , فالدولتين ليس لهم علاقة بالكويت و لا تهمهم سواءً كانت تابعة للعراق أو لموزمبيق لكن الضغط الأمريكي عليهم جعلهم يدفعون هذه المبالغ الطائلة , و كان بإمكانهم أن يرفضوا الطلب الأمريكي لكنهم يعرفون أن العواقب وخيمة فهم يمتلكون عقلية إدارية جيدة ليست موجودة عند الفنزويليين , فاليابان اليوم تعتبر ثالث اقتصاد عالمي بناتج يقدر بـ 5 تريليون دولار و ألمانيا تعتبر رقم أربعة بناتج 3.5 تريليون دولار و شعبيهم ليسوا مشردين و يتمتعون بأحسن معيشة على مستوى العالم رغم الخضوع لأمريكا !
قرأت عن مدينة في دولة المجر حالياً مرت بخمس دول خلال القرن السابق فقد تعرضت لحكومات مختلفة من اجناس مختلفين في الفكر و الدين و اللغة بسبب الحرب العالمية الأولى و الثانية , هذه المدينة يوجد بها شركة عائلية صمدت لأكثر من مئة سنة رغم الظروف التي مرت بها هذه المدينة ؛ لسبب بسيط هي أنه هذه العائلة خضعت في كل مرة للقوة الجديدة و حاولت الانسجام معها و بهذا حمت أنشطة الشركة من الزوال !
موظف يتم إهانته من قبل مديره لحد قرار الفصل من الوظيفة ؛ هذا الموظف يتوسل لهذا المدير أن يبقيه في الوظيفة بطريقة تحط من كرامته فيوافق المدير , بهذا حافظ الموظف على استقرار عائلته و أبنائه من الضياع بإعتذار مهين بينه و بين المدير و استمرت الحياة ! .
ملخص الكلام ,
عليك احترام أي قوة مؤثرة , و أن تفهم المقصود من الكرامة التي ربما تصبح أسواء في حال تعاملت مع هذه القوة بطريقة غير حكيمة !
ماذا ترى ؟
from حسوب I/O - الأكثر شيوعاً http://bit.ly/2WgVL9p