بعد أن تخلصت الدول العربية و دول العالم الثالث من الاستعمار الأوربي في الستينات , لا زال هناك بقايا لأثار الاستعمار حتى يومنا هذا و أبرزها منطقة فلسطين التي سلمها الانجليز لليهود المطرودين من أوربا و روسيا لتكون وطناً قومياً لهم !
في تاريخ فلسطين الطويل نلاحظ أنها تعرضت لأستعمار مستمر من قبل القوى الأجنبية , فكانت الدول المسيحية لا تتوقف عن محاولة السيطرة على فلسطين لقداستها في دينهم و أشدها الحملات الصليبية التي نجحت في احتلال فلسطين لمدة 97 سنة قبل أن يستردها صلاح الدين الايوبي .
اليهود هم أقل القوى و أضعفها لأحتلال منطقة مثل فلسطين فهم لا يتوازون بالقوة مع المسيحين أو المسلمين و سقوطهم ليس صعب المنال فاعتمادتهم على القوى الكبيرة لحمايتهم لن يستمر طويلاً .
إذاً لماذا لم يستطع الفلسطينين طرد المحتل و استرداد الأرض المنهوبة ؟!
سوف نذكر الاسباب بإيجاز :
1- الاحتلال الإسرائيلي لن يذهب دون مقاومة مسلحة , فالطريقة التي احتل فيها اليهود فلسطين سوف يغادرون بنفس الطريقة فلكل قوة فعل قوة رد فعل مساوية لها في المقدار ومعاكسة لها في الاتجاه , و هذه سنة تاريخية عرفها البشر , لا يمكن طرد المحتل بالخطابات و الإدانات
2- الفلسطينين في الوقت الحالي ليس لديهم الايمان القوي بخيار المقاومة حتى لو رأيت بعضهم ينطق بها لكنه ليس عنده استعداد بالتضحية بنفسه فداءً للوطن ( هذا الشيء للأغلبية و ليس الكل ) فهم يفضلون الاستقرار على الحرب , فسكان غزة لديهم ايمان بخيار المقاومة المسحلة أكثر من سكان الضفة , و الأسباب لذلك تعود للشخصيات السياسية المسيطرة على كل إقليم فالناس يتأثرون و يخضعون للقوى المسيطرة .
3- تورط الفلسطينين بإدارة سياسية غاية في السوء , فجماعة فتح التي كانت مقاومة لسنوات طويلة تحولت من خيار المقاومة لطاولة المفاوضات و السلام و ياسر عرفات أسوء رئيس شهدته المنطقة العربية ككل تصارع مع الأردنين و اللبنانين و أيد ضرب الكويت رغم أنه عاش أغلب عمره المهني بالكويت كموظف و اختلف مع المصرين و التوانسة و غيرهم , كان متلون و مضطرب لدرجة عجيبة و ختمها باتفاقية أوسلو المشؤمة .
اكتشف ياسر عرفات أخيراً أن خيار المقاومة متعب جداً و قد تكون نهايته مقتولاً في إحدى أزقة فلسطين و ينتهي أمره , فقد أحب الحياة الارستقراطية بجميع تفاصيلها فوجدها لذيذة جميلة حلوة المذاق , فهو يجتمع مع رؤساء الدول و الملوك و زعماء المنظمات العالمية و تحت يده تسير خزينة الدولة و الشركات و الأموال فكيف يفرط شخص بهذا المغريات إذا لم يكن صاحب تضحية لقضية يؤمن بها جيداً , فاتجه ياسرعرفات لخيار المفاوضات ليضمن وجوده في دفة القيادة لسنوات طويلة , و لكي لا يسمى أنه رئيس لجماعة إرهابية !
محمود عباس يسير على نفس النهج لدرجة أنه يبكي على وفاة بيريز الذي يعتبر أهم ثلاثة شخصيات ساهمت في تأسيس دولة إسرائل , عباس يعرف الخلطة جيداً .
4- كسل الفلسطينين لشرح قضية فلسطين : لو تصفحت الانترنت و اليوتيوب و مواقع التواصل الاجتماعي لن تجد شرح كافي و وافي عن فلسطين , فأكثر العرب لا يعرفون التفاصيل المعيشية لحياة الفلسطينين :
هل يوجد جامعات ؟ أندية رياضية ؟ شرطة ؟ شركات ؟
ما هي المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الفلسطينية بالكامل ؟ ماذا يقصد بالضفة و الجولان و رفح و المستوطنات و من يسكنها ؟
ماذا يقصد بالمعابر الاسرائيلية ؟ و إلى أي مدى يتحكم الاسرائيليون في حياة الفلسطينين ؟
ما هي المخميات المنتشرة داخل فلسطينين ؟ و من يتحكم بها ؟ هل هي خيام قماشية أم حي سكني اسمنتي ؟
أسئلة كثيرة لا يعرفها العرب عن الداخل الفلسطيني و لا عن حياة الفلسطينين بالداخل و هي وسيلة لمعرفة الداخل الفلسطيني فالغموض يصنع فجوة مع العرب , رغم توفر الجوالات التي أصبحت وسيلة لنشر المعرفة للعرب .
5- جيل الـ 2000 م لا يؤمن بالقضية الفلسطينية : مواليد ما بعد 2000م كثرت القضايا بالمنطقة حتى ماعت القضية الفلسطينية و أصبحت قضية من جملة قضايا في الشرق الأوسط , فهذا الجيل يقول ما المشكلة من بناء العلاقة بإسرائيل مثل أي دولة , فلسطين دولة و اسرائيل دولة ؟! ( بسبب ضعف الوازع الديني و العرقي أصبحت الأمور عنده متشابهة ) , و السبب يعود لضعف الدعاية لقضية فلسطين من الفلسطينين أنفسهم , و سوف يأتي اليوم الذي يقول فيه هذا الجيل : ( طز بفلسطين و مرحباً باسرائيل ) .
6- فتح المجال للجهاديين : بعد المحاولات الحثيثية من الكتائب الفلسطينية للتشابك مع اليهود لم تثمر هذه الإشتباكات لأي نتائج إيجابية بل أدت لنتائج سيئة بحجة حماية اسرائيل , في عام 2011 م أشتعلت المنطقة العربية و خصوصاً في سوريا و الاردن و أصبح يوجد فيها جهادين لديهم الرغبة الجامحة و الصادقة بفداء النفس للدفاع عن المسلمين و هم مقاتلين شرسين لدرجة الموت فهم أكثر ثباتاً في المعارك , فلو قام الفلسطين بإدخال هؤلاء الجهادين لداخل فلسطين فربما تغيرت طريقة الحرب مع الاسرائيلين و حصلت فوضى ربما تغير فلسطين بالكامل فقد اعتمد الفلسطينين على أنفسهم لسنوات و لم يعطي نتيجة .
لكن للاسف بعض الفلسطينين يفضل الاستقرار النسبي حتى ولو كان سيء على الفوضى التي ربما تصنع واقع أفضل لفلسطين .
7- إرهاصات التطبيع مع اسرائيل : لا يخفى على أحد أن هناك تمييع للقضية الفلسطينية في الفترة الحالية تسير على قدم و ساق و تستهدف الجيل الجديد حتى يقبل الناس بدولة اسرائيل , و للآسف الشديد الفلسطينين استقبلوا هذه الحملة المسعورة بالاتهامات و لوم الدول العربية دون يقوموا ببذل جهد لأقناع الجيل الجديد بقضية فلسطين و كيف يقاوموا قرار القبول بدولة اسرائيل
التوقف عن لوم الآخرين و بذل الأسباب هو أول الطريق لحل القضية , فاللوم و الاتهامات لم تعطي نتيجة خصوصاً أنها مبنية على خيالات و توقعات غير مثبته .
قبل أن نختم كلامنا , علينا أن نذكر الإيجابيات و الحقائق :
1- تشكل تحسن في الوعي لدى الكثير من الشباب الفلسطيني بالمتاجرين بقضية فلسطين , فخامئني يقتل العراقيين و السورين باسم القدس و تحرير فلسطين و صدام و عبدالناصر و مجموعة كبيرة من رؤساء الدول كانوا يستخدمون قضية فلسطين لتنفيذ أهدافهم الآخرى و المليشيات المسلحة مثل حزب الله و غيرها كانت القضية الفلسطينة التبرير لقتل الناس في مناطق واسعة من اليمن و سوريا و لبنان و العراق
2- لا زال هناك مرابطين بالقدس الشريف يحاولون ردع اليهود عن غطرستهم المستمرة رغم قلة الحيلة و العتاد , و لا زال هناك بغزة مقاومين يحاولون بذل ما يمكن بذله لسد هجوم الاسرائيلين المتكرر .
3- و لا زال الأمل قائم عند الكثير من الفلسطينين بأن يصرف الله اليهود عن بلدهم بأي طريقةً كانت .
أخيراً , أقول أن هذا الليل سوف ينجلي و يتبدد هذا الظلام , و سوف تصبح فلسطين حرة من البحر إلى النهر و ليس على حدود 67 و لا 2018 و سوف يروي الفلسطينين القصص لأولادهم و أحفادهم عن المعانات و الفرح بطرد الاحتلال , و أن سنة قائمة منذ خلق البشر فلكل بدايةً نهاية , احتلت فلسطين بمن هم أعلى قوة و شأن في الأرض و ذهبوا و لم يبقى لهم أثر , المطلوب الصبر و بذل السبب , فالمعركة معركة وعي أولاً , و الأقوال تسبق الأفعال فلا تستهينوا بكل كلمة تخرج دفاعاً عن فلسطين فهي مؤثرة .
و السلام ,,,
from حسوب I/O - الأكثر شيوعاً https://ift.tt/2OI8CcE
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
دائماً، رأيكم يهمنا،