لست من أنصار تخصيص اليوم الأخير من كل عام لأخطط فيه لكل آمالي وطموحاتي للعام الذي يليه، لكن -رغم ذلك- فإنّ كم الأحداث والتجارب التي تمر بها، والخبرات والعادات التي اكتسبتها على مدار عامٍ مضى جديرة بالتوقّف عندها قليلاً وتقييمها من حين لآخر.
هذه كانت أبرز محطاتي للعام 2017:
خسرت 34 كجم!
لاتظن أنّ علامة التعجّب تدل على أن الفعل ذاته عجيباً؛ فبإمكان أي شخص ذي إرادة تحقيق ذات الرقم بل وأكثر منه، لكن تلك العلامة تخصّني أنا في الحقيقة لأنني أظن أن آخر شخص في الكون يمكن أن يفقد جراماً واحداً من وزنه هو أنا، خاصّة وأنّني كنت أتبنّى مقولات مثل:
"أعمل دايت ليه؟ ما كده كده هنموت، فنموت واحنا مستمتعين بملذات الحياة أحسن".
تلك الجملة كانت كفيلة بأن يكسر وزني حاجز ال 102 كجم، وما يتبع ذلك من مشكلات لاحصر لها، إلى أن عقدت العزم على التغيير والذي تم بشكل مباشر دون تأخير .. الآن كانت تعني الآن، ولا أدري حقيقةً كيف تم الأمر بهذه السرعة!
الرحلة لم تكن بالطويلة، لكنّني قسوت فيها على نفسي قليلاً. كنت أشك بالأساس أن بعض التغييرات الطفيفة في مكونات الطعام الذي أتناوله يومياً يمكن أن تُحدث فرقاً، فكنت أود أن أتأكّد من أن ذلك فعّال حقاً، فخفّضت سعراتي اليومية إلى حدود 1000 سعر وربما أقل في أيام أخرى (تنويه: طبياً لايُنصح بذلك بالمرة) .. لكن النتيجة كانت مبشرة جداً، وتحوّلت خلال 4 أشهر لشخص آخر .. لامزيد من التعرُّق المفرط، ولا الإرهاق المتواصل .. وأصبحت أرتدي الملابس قياس L بدلاً من 4ْXL .. الوصول لوزن 68 كان أكثر من كافٍ للاستمتاع بملذات الحياة أكثر مما كنت أتخيله مع التناول المفرط للطعام!
لا تلفزيون بعد اليوم
لم يكن هذا قراراً، بل تحولاً ملحوظاً في طريقة التفاعل مع تلفازي الذكي التي قارب عمرها الخمس سنوات. كنت مدمناً للبرامج الحوارية، والنشرات الإخبارية ودائم التنقل بينها على مدار اليوم .. اليوم، وبعد أن اكتشفنا جميعاً أن الحوارات فقرات إلهائية لا أكثر، والأخبار ما هي إلّا أبواقاً موجهة، وجدت نفسي وقد انسحبت رويداً رويداً لأكتشف مع نهاية العام أن قائمة قنوات اليوتيوب التي أحاول انتقائها بعناية لأتابع جديدها من خلال شاشة التلفاز أصبحت أكبر من قائمة قنوات الريسيفر ذاتها، ولم أعد أشغل التلفاز إلّا حين يصلني إشعار من قنوات اليوتيوب بوجود مادة جديدة لا أكثر.
الآن أنا من أدير الدفّة، وأختار المواد المفضلة لي .. لا مزيد من إرهاق الأعصاب مع تشنجات الإعلاميين، وإعلامي الخاص أصبحت من أنتقيه بنفسي.
مع الله
أحاديث كثيرة نسمعها في الخطب والدروس، ونقرأها بين الحين والآخر لكنّها لا تجد الصدى الكافي إلى أن تحين اللحظة التي يشاء الله فيها أن يلامس أحدها شغاف قلبك لتتحول لمنهاج متكامل، وقد تتغير نظرتك للحياة بالكلية بعد تلك اللحظة التنويرية.
منذ عشرة أعوام، ولا يفارقني الحديث الشريف:
"لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم آخرين يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم" أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
هذا الحديث كشف لي حقيقتنا البشرية المذنبة بطبعها، وأن مناط الأمر في التوبة من الذنب والاستغفار بعد اقترافه .. نعم، حاول جاهداً ألّا تقع في الذنب من الأساس .. لكن إن وقعت، فاستغفر واعقد العزم على عدم العودة إليه ثانية .. فإن لم نفعل ذلك، لأبدلنا الله بملائكة لا يذنبون؟ .. لا، بل بآخرين "يذنبون" لكنهم يستغفرون.
هذا العام، كانت اللحظة التنويرية مع الحديث الشريف:
"تحترقون تحترقون، فإذا صليتم الصبح غلستها، ثم تحترقون تحترقون، فإذا صليتم الظهر غسلتها، ثم تحترقون تحترقون، فإذا صليتم العصر غسلتها، ثم تحترقون تحترقون، فإذا صليتم المغرب غسلتها، ثم تحترقون تحترقون، فإذا صليتم العشاء غسلتها، ثم تنامون فلا يكتب عليكم حتى تستيقظوا". أو كمال قال صلى الله عليه وسلم.
خمس مراحل للفلترة من الشوائب -إن جاز التعبير- على مدار اليوم لتبيت على فراشك في نهاية يومك بروح بيضاء صافية قد تطهّرت من خَبَثها .. صلاة تلو الأخرى تمحو آثار الاحتراق الذي تتسبب فيه الذنوب .. هكذا، بكل بساطة .. فقط استشعر المعنى، وصلّ مستشعراً إياه.
*فاتتك الجماعة؟ .. صلّ منفرداً.
*سهوت عن صلاة؟ .. صلّها تو تذكّرها.
*سقطت وانقطعت؟ .. قم، وصِل ما انقطع، وعد من جديد.
*كثير الذنوب؟ .. صلّ، وادع، واستغفر.
*الاستيقاظ لصلاة الفجر صعب؟ انوِ الآن الاستيقاظ واظبط منبهك. لم تستيقظ؟ صلّ حين تصبح، واضبط منبهك للغد.
المهم .. لاتجعل ذلك الحبل ينقطع يوماً في علاقتك بربك، ولا تترك للشيطان باباً لتثبيطك وتقليل همّتك تحت أي ذريعة.
الوقت .. الأسرة .. والعمل
مشكلتي الأزلية .. المزيد من العمل لتحقيق دخل أكبر مع وقت أقل لنفسي وللأسرة؟ أم التضحية بفرص لزيادة الدخل لصالح المزيد من وقت الفراغ لي ولأسرتي؟ .. في الحقيقة لا أحب الحلول الرمادية، وقررت حسم المعادلة لصالح الخيار الأخير؛ ففي نهاية الأمر إن لم تجد الوقت الكافي لتستمتع فيه بدخلك "الأكبر"، فاعذرني .. ستكون حينها عبداً لمالك.
أنصحك أن تصل لنقطة مرضية على منحنى (العمل/الدخل - الوقت)، ولا تحاول تخطّيها (اللهم إن كان لديك مبرراً قوياً لذلك) واستمتع بعدها بفائض الوقت لاهتماماتك الشخصية، والأسرية ولا تستسلم للمغريات.
from حسوب I/O - الأكثر شيوعاً http://ift.tt/2zZSkDM
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
دائماً، رأيكم يهمنا،