تستوقفني مشاهد الحياة العديدة. مشاهد ترسم البسمة على الشفاه و أخرى تزكي العينين بالدموع.
هذه هي الحياة. القليل من الحزن و القليل من الفرح ، كما قول "يوم لك و يوم عليك".
"فالعالم كله مسرح و نحن فقط ممثلون" ، كما قال وليام شكسبير. أعرف هذه المقولة منذ زمن طويل لكني لم أستوعب المغزى الحقيقي الكائن وراء هذه العبارة إلا اليوم...
فهمتها حينما شاهدت أحداث المسرحية التراجيدية التي رسمها القدر و حدد زمانها و مكانها.
اختار لها الممثلين و الكومبارس و انتقاهم بعناية لأداء المشهد بشكل تام ، بكافة التفاصيل المرئية منها و المحكية.
و دائماً ما يكون القدر بارعاً في الانتقاء و الاصطفاء. فقد اختار أبرع الممثلين و أصدقهم قلباً ، و اختار المكان و التوقيت المناسبين للتراجيدية السوداء. حتى أنه اختار المشاريب المناسبة ، "قهوة مرة" ، لتكون متلائمة مع حجم المأساة.
و كما هي العادة في كل لعبة للقدر ، فإنها تبدأ بابتسامة قلب قد أنهكه الشوق و الحنين و أضنته مصاعب الدنيا و فتكت بجسده الذي تمزق ارباً ارباً.
تُتلى الابتسامة بضحكة فاقعة و تطلعات للمستقبل الذي لم تعد تهمنا ماهيته سواء أكان مشرقاً أم مظلماً ، فالمستقبل ليس مستقبلاً دون وجود الأفراد الذين ساهموا في تكوين ماضيه.
ضحكة تذكرنا فيها ماضينا و أخرى ضحكناها مع دمعة تسيل على الوجنتين و الثالثة كانت كاذبة منافقة لتهون ما نحن فيه.
و هذه الضحكة الأخيرة ، مثلنا بها مشهد مسرحيتنا الأخير ، لكننا لم نبرع في تمثيله.
كانت الضحكة مبتدعة و الابتسامة زائفة غلبت عليها دموعنا التي تجري أنهاراً في قلوبنا ، تتساقط شلالات على بحيرة اليأس القابعة في عقل كل منا.
أخشى هذا اليوم. أخشاه و بكل صدق.
يوم الفراق ، يوم البعد ، يوم النوى ، يوم انطواء كتاب كامل قصَّ التاريخ و الأحداث منذ نعومة الإظافر. ليحين يوم الرحيل و البدء بكتابة "أسطورة" جديدة.
كبيرة هي أحلامنا و نعتقد أن قلوبنا كبيرة كما الأحلام. لكن القلب صغير و يافع و هش مهما تقدم الإنسان بالعمر و مهما مرت عليه صعاب و مآسي.
و مصير القلب أن يتساقط متهاوياً في تلك البحيرة التي كونها اليأس بالعقل ، فيغرق و يمسي ضحية من ضحايا القدر...
فيحتم علينا القدر أن نكون ميتين سريرياً حتى إشعار آخر...
تراجيدية
٢٩/٩/٢٠١٦
from حسوب I/O - الأكثر شيوعاً http://ift.tt/2g1iGQd
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
دائماً، رأيكم يهمنا،