من بعض ملاحظاتي عن أوضاع مجتمعاتنا العربية, جربت أن أصوغها في موضوع مختصر
فبعد أن صدمت كغيري بعد احتلال العراق, بعد أن كنا نسمع العراقيين أصبحنا نسمع العرب والأكراد والشيعة والسنةوغيرها من الانتماءات والتوجهات, التي تصارعت لتحكم ولم يهمها خراب البلد ومنها من استقوى بدول أخرى وجعل الاحتلال مركبا وهذا ما تكرر في الوضع السوري واليمني والليبي رغم أن شرارة الصراع بدأت بحشود شعبية جمعها حب الوطن والرغبة في التغيير وفرقتها الانتماءات وأحرقتها الطائفية.
علقت في ذهني أسئلة منذ سنوات كيف يمكن لذلك الشعور الفطري بالانتماء للوطن أن يتفتت أمام تلك الانتماءات الضيقة؟وكيف نخرم سفينتنا بأيدينا ونلقي اللوم على غيرنا؟
كلنا نعلم أن ذلك الشعور بالانتماء غريزة طبيعية في دواخل كل إنسان تتولّد لتلبية الاحتياجات النفسية والرغبة في التواجد في بيئة يمكنه أن يشعر فيها الفرد بالأمان والقبول والتقدير, والانتماء للإنسانية وللوطن انتماء فطري يكبر ويستمد قوته من التربية وأسلوب العيش, ويوازيه انتماء مكتسب كالانتماءات الأيديولوجية والقومية أو الدينية التي تنتج من خلال التربية أو المحيط أو الإعلام وتكبر حسب ميول كل منا وحسب الظروف التي عاشها.
في بلداننا العربية الانتماء للوطن ذلك الشعور الذي ٍ يولد معنا، وهو دعامة وضمانة تماسك أي أمة, وأساس انطلاقها بين باقي الأمم, يتم إضعافه بشكل ممنهج ويقتل فينا يوما بعد يوم... لأن المواطن يحس ببيئته ووطنه يلفظه (وما أكثر من لفظهم وطني نحو مياه المتوسط) يلفظك حين يقتل فيك الإحساس بالقبول والتقدير، حين تحمل صدور التافهين النياشين وتُطحن صدور المكافحين, حينما يفرض عليك أن تكون كالحيوان الأليف بدل المواطن الشريف, حين يطلب المسؤول منك التضحية من أجل الوطن وهو غير قادر على التخلي عن امتيازات لا حق له فيها، حين يطالبك بالنزاهة ولا تراها في تسيير الوطن، حينما يذكرك بواجبك في التصويت و يتجاهل واجبه في الالتزام بوعوده، حينما يذكرك مرفقا كلامه بالوعيد بأداء الضرائب وتجد أن أغلب مسؤولي بلدك متهربون منها, حين يصاغ القانون و لا يمس بسوطه إلا المستضعفون, أو حينما يمن عليك نعمة الأمن وهو حق مضمون.
هكذا يضمحل الانتماء في النفوس، ويغيب مع غياب العدل والمساواة، وسيادة التمييز حسب الوضع الاجتماعي أو العرقي أو الديني، فيطفو الانتماء لهذه التصنيفات كبديل للوطن، وتتعاقب السنوات لترسيخ هذا التفكك فيعطينا مجتمعات متنافرة تعيش التشرذم الهوياتي وتظهر الأزمات انتماءاتها الحقيقية ويكون الوطن أكبر ضحية
from حسوب I/O - الأكثر شيوعاً http://ift.tt/2ext26f
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
دائماً، رأيكم يهمنا،