السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
مقدمة:
فإن لكل إنسانٍ في هذه الحياة تجرِبة، والتجارِب تمنح الإنسان المزيد من الخبرة والممارسة في نفس التخصص الذي يُدندن حوله الإنسان؛ فمن كان طبيباً فستكشف له الممارسة والتجربة أموراً مستقبلية ربما يتجنبها وربما يأتي بها.
لذلك فإن حياتي في النقاش والحوار لا تتمحور فقط في حسوب؛ ولا تتجاوز فقط سنتين! بل تعدَّت -سابقاً- إلى العملاق المرحوم (الفيسبوك)! على ما يزيد من الخمس سنوات! والطرف المخالف يسهل نقاشه وحواره هناك.
وبسبب هذا وذاك وغيره من الأسباب؛ أحببت أن أضع بعض النقاط التي أراها مهمةً في مناقشة الطرف الآخر؛ والتغلب عليه -بحقٍ لا بباطل- ولهذا فإني -محمد عبيد الشحي- لا أدَّعي أبداً وبتاتاً بأني دُرَّةُ الزمان؛ وحسنةُ الأيام؛ والبطلُ الهُمام؛ والعلاَّمةُ الإمام! في مناقشة الأنام!، بل ذاك مما يُنَقِّصُ من قيمة المرء أمام من يُحسن به الظن! -فأسال الله أن أكون بحسن ظن الجميع-.
فما هذه إلا خُلاصة أفكاري؛ جمعتها وربتها وهذبتها، جاءت من مجموع تجاربي، قديمها وحديثها وحاضرها!
لذلك أقول -مستعيناً بالله-:
القاعدة الأولى: نقد العنوان وتخطئته.
دائماً عنوان الموضوع له هيبة وقوة في نفس كاتبه؛ فهو لم يعتد الموضوع إلا وقد تأكد من العنوان ومناسبته للمضمون، فإنه يرى أنه قد جمع فيه خلاصة صلب الموضوع؛ لذلك فإن هدم عنوان الموضوع من أصله يُسبب اضطرباً في فرعه، -وهذا مجرَّب-، وهذه قاعدة قلَّ من ينتبه لها؛ فإن أردت أن يكون في ردك قوة فعليك بنقد العنوان من أي جانب.
وسبب ذلك؛ أن العنوان في الموضوع كالرأس في الجسد؛ فإذا قُطع الرأس طاح الجسد ومات؛ أما إذا كان نقدك للعنوان ضعيف فكأنك قطعت اليد؛ فقطع الرأس يموت منه الجسد؛ وقطع اليد لا يموت منه الجسد؛ وهنا قاعدة تدخل تحت هذه القاعدة: وهي كلما اجتمعت الشروط الثلاثة في نقدك للعنوان صار نقدك قوياً صارماً اسمنتياً.
القاعدة الثانية: من لسانك أُدينك.
وهي عبارة عن اقتباس قول المناقش أو المخالف حينما يقول ما يُناقض قوله السابق؛ إلا في حالة اعترف بخطأه وبرجوعه عن ذلك القول.
القاعدة الثالثة: رد السؤال بسؤال.
وهذه أكاد أجزم أنها من أقوى الطرق؛ فهي تنفع في جميع الأحوال إلا لمجادل فالمجادل يجد الطرق للخروج أما غيره فلا.
مثال: فلان جالس في مجلس فيه 10 أشخاص وحصل على الشهادة المدرسية فقال كبير القوم: يا فلان كم هي درجة تحصيلك -وهو لا يريد أن يقول- فاستعمل القاعدة وقال: لماذا؟ هل ستدخلني إلى شركتك؟. فضحك الجميع؛ ولم يستطع الرد وانتقلب السحر على الساحر!
وأذكر مثالاً حصل لي: كنت في مجلس نقاش علمي وكنت أمسح السبورة وقتها لكتابة مسألة أو تنظيفها -لا أذكر- ففي نفس الوقت كان الإخوة يتكلمون عن المخطوطات فقال كبير القوم للآخر: أنت يا فلان لا تدري كيف أن الناس تعبوا وفعلوا حتى تصل لنا هذه المخطوطات لو تقرأها فقط ستشعر أنك تقرأ طلاسم! فأدرت ظهري وقلت مازحاً: نعم؛ لو تقرأها فقط ستشعر أنك تقرأ طلاسم! فرد -بسرعة-: (أنت قرأتها ماشاء الله!!) فضحك المجلس؛ وتعلمت درساً؛ ولم أستطع أن أرد؛ لأن الموقف لا يسمح بالرد سواءً كنت على حقٍ أم على باطل.
القاعدة الرابعة: لا تتكلم فيما لا تعلم.
قال ابن حجر -رحمه الله-: (من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب).
ومن اطلع على نقاشي مع الأخ زيد وغيره حول موضوع المنطق يرى أنني أتكلم بغير علم؛ وهذا صحيح؛ وأنا أعترف بذلك؛ لكن سبب الخلاف الأصلي هو أن الأخ زيد يرى أن المنطع مهم ويجب على المسلم أن يتسربه على آخره وأنا أرى أن يبتعد عنه؛ فالخلاف الحقيقي في أصل المسألة لا في فرعها؛ هو يرى الجواز أنا أرى المنع، فالمنطع الذي أراه هو الذي يدخل بالضرورة في الدين؛ ولا أدري هل المنطق الذي يراه يدخل في شيء آخر أم لا!لكني ثابت على قولي -ولله الحمد-.
الشاهد: لا تتكلم في غير فنك؛ -ورحم الله امرأ تعلم من خطأه-.
القاعدة الخامسة: تخطئة المناقش في قوله. -لا من باب الحقد بل من باب معرفة القدر-.
دائماً في النقاش أظهر أنك ملاحظ ودقيق لكل ردود المناقش في الطرف الآخر، فإن قال لك: (وجاء عطاء بن واصل وأخذ تلك العقيدة عن الجعد بن درهم)؛ فقل له: (اسمه: واصل بن عطاء وليس عطاء بن واصل).
المقصد: الإنسان يُخطى وينسى ويسهو؛ لكن إن وضعت نفسك نباشاً لكل أقواله سينتبه في المرة القادمة وسيتأكد من إلقاءه للمعلومة؛ وإذا شك بها ربما لا يقولها -وهذا هو الغرض النقاش- إلقاء المعلومة والقول بعد التأكد منها؛ وأما المتكشكك في كل شاردة وواردة لا يناقش أحفظ لهيبته.
انتهى الدرس!.
from حسوب I/O - الأكثر شيوعاً http://ift.tt/2dOkVp0
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
دائماً، رأيكم يهمنا،