الجمعة، 3 يونيو 2016

السفر برلك في الذاكرة الجمعية لشعوب الشرق الأوسط

السفر برلك كلمة تركية، ترجمتها إلى العربية (النفير العام، التعبئة، التأهب للحرب)، ارتبطت بالذاكرة العربية ارتباطاً أسود، وعلى الرغم من مضي نحو مائة عام على إعلان الخلافة العثمانية للسفر برلك، فإنّ الحوادث المرتبطة بالحادثة لا تزال عالقةً في الذاكرة الجمعية العربية والسورية. إبان الحرب العالمية الأولى، ونتيجة للمعارك الكبيرة والطاحنة، واتساع رقعة الصراع بين العثمانيين وأعدائهم، وكثرة القتلى بين صفوف جيش الأستانة، والزيادة المضطردة في أعداد الجبهات الساخنة، اضطرت حكومة الخلافة إلى أن تعلن السفر برلك، فانتشرت دوريات الجيش والشرطة، وبدأت حملات الاعتقالات الواسعة في المدن والقرى السورية وغير السورية التابعة للحكومة العثمانية. وكذلك جُمعت أعداد غفيرة من الشباب والرجال الذين لم يستطيعوا الهرب، أو الاختباء هرباً من خدمة الموت، وما أن يُجمع عدد معيّن، حتى تسارع الجهات المسؤولة عنهم على تشكيل كتائب وألوية، ومن دون أيّ تدريب عسكري كاف ومطلوب، تُزجّ هذه التشكيلات على عجل في ساحات المعارك. وحتى اليوم، تبقى قصص نجاة أجدادنا من السفر برلك قصصاً للسهرة، فجدّ فلان استطاع النجاة من مجزرة راح ضحيتها آلاف من العساكر في الجيش العثماني، وجدّ فلان آخر استطاع الهرب من جبهة أخرى، قبل أن تُباد قطعته العسكرية عن بكرة أبيها، لعلنا إن جمعنا القصص كلها، سنكتشف أن من أهم أسباب انهيار المدن الخاضعة للحكومة العثمانية، في الحرب العالمية الأولى، هو الاعتماد المطلق على جنود تم زجهم في الصراع، بعد حصول فراغات كبيرة في القوات المسلحة، الخبرة العسكرية القليلة، أو المعدومة، وسقوط الجبهات السريع من دون مقاومة تذكر، هي أهم أسباب سقوط المدن والقرى، بالإضافة إلى أسباب أخرى، لا يتسع المجال لذكرها هنا، وبالطبع، تسارعت الأحداث، إلى أن هُزمت الخلافة في حربها في آخر المطاف.

طبعا لكل شعب من شعوب المنطقة سفربرلك خاص به، مثل أهل المدينة المنورة الذين تم تهجيرهم كلهم ، كذلك الأرمن، و أهالي لواء إسكندرون، لذلك نجد هذه الكلمة متكررة في أدبيات تلك الفترة، خاصة الكاتب حنا مينا.



from حسوب I/O - الأكثر شيوعاً http://ift.tt/1U3SwZQ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

دائماً، رأيكم يهمنا،