الهزة التي أحدثها الدكتور المفكر عدنان ابراهيم في صفوف التيار الإسلامي عنيفة جداً ، ذلك أنه حاول أن يعيد "للعقل" مكانته الطبيعية بجوار النص ، وأن يعيد النظر في الكثير من الأحداث التاريخية التي شكلت "الوعي" الإسلامي لقرون من الزمن ، وأن يسلط الضوء على كثير من التناقضات التي اعترت الفكر الإسلامي وكبلته ووقفت عائقاً أمام مسيرة التجديد والتطوير .
ولا أدري ما هي "المآخذ" التي يأخذها أعداء هذا المفكر عليه ، سواء من حيث الطرح أو من حيث المنهج ، فالملامح الأساسية لمشروعه هي ملامح "المنهج الإسلامي" حقيقة ، وهي الأسس التي يجب أن يرتكز عليها أي تصور إسلامي عقلاني وصحيح للحياة ولمشكلاتها ، ومن أهم الخطوط العريضة للمشروع التجديدي الذي يطرحه الدكتور عدنان هي :
1) ضرورة اعادة النظر في بعض "المواقف" و "الصفحات" في تاريخنا الإسلامي وإلقاء الضوء عليها وخاصة أنها أثرت على الوعي الإسلامي وعلى "الفقه السياسي الشرعي" منذ أكثر من ألف عام .
2) ضرورة النظر أيضاً في الموروث الثقافي والشرعي وتمييز الصحيح من السقيم منه وخاصة فيما يتعلق بدائرة "الحديث الشريف" ، ذلك أن بعض الأحاديث يكتنفها الغموض وتتعارض إما مع أسس العقل أو مع "التصور الإسلامي" العام للحياة .
3) ضرورة "التعايش" بين طوائف المسلمين المختلفة ، والنظر بشكل آخر لهذه الطوائف بعيداً عن "حزازيات" الطائفية ، دون منع "النقد" و "المحاججة" و "المحاورة" وفق أسس صحيحة وسلمية .
4) التركيز على مبدأ "الحرية" في كل المجالات الحياتية ، واعادة "الاعتبار" اليه ، بعد قرون من التشويه و الاستبداد .
5) حل الكثير من مشكلات الحضارة الانسانية كـ"الالحاد" و "الاستبداد" و "والتخلف" و "الجهل" من وجهة نظر إسلامية عقلانية متماسكة جداً .
فأين هي "المآخذ" و "البدع" التي تكتنف تصور هذا الشخص ؟ وأين هي "الأفكار" التي أدت لإخراج هذا الرجل من الملة وفق تصورات بعض "الفقهاء" و "الكهنة" ؟
هل الموقف مثلاً من معاوية بن أبي سفيان يصلح كدليل على "نفاق" و "كفر" و "بدعية" الشخص ؟ وهل الدعوة لتجديد النظر في بعض الأحاديث أيضاً دلالة على شيء ما ؟ وهل من الممكن أن يحدد لنا أي شخص ما هي الأشياء التي تقبل الاجتهاد وتلك التي لا تقبل الاجتهاد ؟
إن الموقف "السلبي" من عدنان ابراهيم تشكل بشكل واضح من جزئية واحدة وهي موقفه من معاوية وبعض رفاق دربه ، دون النظر لباقي "الايجابيات" ومعالم التصور الصحيح الذي يصاحب منهجه ، وهذا يعني شيئاً واحداً وهو أن هناك بعض المدارس الاسلامية تنظر للفرع لا للأصل وتمارس ارهاباً جماعياً على المفكرين والمجتهدين ، وتشن حملات صاخبة لتكفيرهم وتبديعهم وتفسيقهم بحجج واهية وأحياناً بالخلط والتدليس وهذا تمثل في اتهام عدنان ابراهيم بأنه يقول "بتحريف القرآن" و "كفر عائشة" و أنه يطعن في البخاري ويمدح ياسر الحبيب ، وهذا الأمر ليس غريباً على هذه المدرسة والتي سبق وأن كفرت الشيخ أحمد ديدات واتهمته بأنه "قادياني" وقبل ذلك تم تكفير شيخ الإسلام بن تيمية وتفسيق الإمام ابن حزم واتهم امام الفقهاء أبو حنيفة بالالحاد ، فالحقيقة أن مصير "المصلحين" و "المجددين" في التاريخ الإسلامي مؤلم ويدعوا للحزن كثيراً ، صحيح أن من سنن التاريخ أن يواجه المصلحين والأنبياء بردات فعل عنيفة جداً من المجتمعات التي يعيشون فيها ، ولكن الأمر يجب أن يكون مختلفاً لدينا نحن المسلمين ، ذلك أن الإسلام وضع تصورات مبدأية تضمن حرية الاجتهاد لكل من وصل وحقق الكفاية من العلم الشرعي ، ولكن يبدوا أن "منابع" الإسلام الحقة قد تختلط بأدران "التصورات" البشرية الخاطئة كثيراً .
ولذلك –ورغم أني أختلف مع الشيخ عدنان ولي بعض الانتقادات عليه- فأنا أفتخر بظاهرة عدنان ابراهيم كثيراً ، وأشعر بأنها "حلقة" من حلقات التجديد الحضاري وضرورة من ضروراته ، وأنه يصلح كنموذج قوي للشباب في مجال "التفقه" و "التفلسف" الحقيقي ، بعيداً عن النموذج التقليدي لنماذج العلماء والتي يقتصر علمها عادة على العلم الشرعي وحده دون النظر والتوسع في بقية العلوم الفلسفية والفكرية والثقافية الأخرى ، والتي من شأنها أن تزيد من تفاعل "العقل" مع "النص" فتتولد عمليات متجددة من التجديد والتصورات الإسلامية لكافة المشكلات المتجددة .
أنا كشاب مسلم أرى أن معظم العلماء اليوم غرقوا في تكرار نفس الخطاب التقليدي الوعضي وهم أبعد ما يكون عن أبجديات العلم فتجد عالما في الشريعة لا يفهم مسلمات علمية، نحن مسلمون نعم لابد لنا من علم شرعي لاكننا نعيش في الأرض وعيشنا في الأرض يعني أنه مطلوب منا أن نتفوق في علوم الأرض فنحن أولى بالتفكر وقراءة الكتاب المنظور على ضوء الكتاب المسطور، أما الغرق في المواعض المكررة التي لا تناقش مشاكل الشباب بعمق.
أجد أن عدنان إبراهيم أهم ميزة تجدب الشباب إليه هو كونه يخاطب عقول الشباب بعمق في قضاياهم الحقيقية لتحقيق الغاية من وجودهم وإني لأجد محاضرة واحده منه أفضل من 100 كتاب مكرر يبكي على الماضي ويقدس أقوال التابعين ويجعل لهم العصمة، فتجد الكتاب من الجلدة إلى الجلدة محشوا بقال فلان وقد قال فلا وكأن الكاتب ناقل أو راوي، لا فكر لا إجتهاد لا تجديد.
نفس ما يعانيه عدنان إبراهيم يعانيه الدكتور المصري محمد هداية عندما وقف وقفة جدية مع حذيث سحر الرسول عليه الصلاة والسلام وجاء بأدلة على أن السحر الوحيد الموجود هو سحر أعين الناس، فخرج له ثلة من المرتزقين بما يسمى بعلاج المس حتى وصل الأمر إلى التهديد بالقتل لأنه سيقطع عليهم باب يستغلون فيه ضعاف النفوس الذين ينسبون كل فشل في حياتهم إلى السحر.
الموضوع طويل وظاهرة عدنان إبراهيم نمودج يحتدى به، وسواء كنت تتفق معه أو تختلف فنحن هنا نناقش الظاهرة ولا نناقش الشخص فهو لم يجتهد في عدد ركعات الصلاة أو اركان الحج، بل إجتهد في قضايا يعلم معضمنا أن أغلب العلماء الآكلين على موائد الأمراء لا يستطيعون الإقتراب منها خصوصا قضية التحول من نظام الخليفة والشورى في الإسلام إلى نظام المُلك المورث فيفرض عليك الأبن صالحا كان أو فاسدا ولك السمع والطاعة ولهم ما يشائون فهم فوق المحاسبة، ثم يأتي هنا دور سحرة فرعون ليستعملوا الأحاذيث الضعيفة في غير محلها ليقنعوك بالخضوع وينكرون أحاذيت أخرى صحيحة تجعل ولي الأمر تحت المحاسبة
من قبيل ((وإن جلد ظهر وأخذ مالك )) وهو حذيث مرسل والمرسل من نوع الحديث الضعيف عند جمهور المحدثين وهم لا يحتجون به
from حسوب I/O - الأكثر شيوعاً http://ift.tt/28SZFu5
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
دائماً، رأيكم يهمنا،